أسعـدُ امـرأةٍ

في العـالـم

 

 

 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

فهذا كتابُ يناشدُ المرأة أن تسعدَ بدينها ، وتفرحَ بفضل الله عليها ، وتستبشرَ بما عندها من نعم ، إنه بسمةُ أملٍ ، ونسيمُ رجاءٍ ، وإشراقةُ بشرى ، لكلِّ مَنْ ضاق صدرُها ، وكثُرَ همُّها ، وزاد غمُّها ، يناديها بانتظار الفرج ، وترقُّبِ اليُسْرَ بعد العُسْرَ ، ويخاطبُ عقلها الزكيَّ ، وقلبها الطاهر ، وروحها الصافيةَ ، ليقول لها : اصبري واحتسبي ، لا تيأسي ، لا تقنطي ، تفاءلي ، فإن الله معكِ ، والله حسبُكِ ، والله كافيكِ ، والله حافظُكِ ووليُّكِ .

 

أختاه : اقرئي هذا الكتاب ، ففيه الآيةُ المحكمةُ ، والحديثُ الصادقُ ، والقولُ الفصلُ ، والقصةُ الموحية ُ ، والبيتُ المؤثِّرُ ، والفكرةُ الصائبةُ ، والتجربةُ الراشدةُ ، اقرئي هذا السجلَّ ليطاردَ فيكِ فلولَ الأحزانِ ، وأشباح الهمومِ ، وكوابيسَ الخوف والقلق ، طالعي هذا الديوان ليساعدكِ على تنظيفِ الذاكرةِ من ركامِ الأوهامِ ، وأكوامِ الوساوسِ ، ويدلَّكِ على رياضِ الأنسِ ، وبستانِ السعادةِ ، وديارِ الإيمانِ ، وحدائقِ الأفراحِ ، وجنَّاتِ السرورِ ، عسى الله أن يُسْعِدكِ في الدارينِ بمَنِّةِ وكرمهِ إنه جواد كريم .

 

وقد جعلتُه كنزاً يحوي حُليّاً زاهياً تتجملين به ، فيه من بريقِ الحُسْنِ ، ولمعانِ الجمالِ ، وسناءِ الحقِّ ، ما يفوقُ وميضَ الذَّهَبِ ، وإغراءَ الفِضَّةِ ، وسمَّيْتُ فصولَهُ بأسماءِ الحُلِيِّ ، من سبائكَ ، وعقودٍ ، وفرائدَ ، ومرجانٍ ، وجمانٍ ، وجواهر ، وخواتم ، وألماسٍ ، وزبرجَد ، وياقوت ، ودُرَرٍ ، ولآليء ، وزمرُّد ، وعسْجَد .

 

فإذا كان هذا الكتابُ عندكِ فلا عليكِ من كلِّ زخرفٍ دنيويِّ ، وزينةٍ جوفاء ، ومظاهرَ زائفةٍ ، وموضاتٍ تافهةٍ ، فتحلي بهذه الحلية ، والبسِيها في مهرجان الحياةِ ، وتزيَّني بها في عرسِ الدنيا ، وفي أعياد السرور ، ومواسم الأفراح ، وليالي البهجة ، لتكوني – إن شاء الله – ( أسعد امرأةٍ في العالم ) :

 


     أسعد امرأة في العالم                                                                                               المقـــــدمة

 

 

إن سبيل سعادتكِ يكمن في صفاء معرفتِك ونقاءٍ ثقافتِك ، وهذا لا يحصلُ بالقصص الرومانسيةِ الخياليةِ التي تَجُرُّ القارئَ إلى الخروجِ من واقعه والذهاب بعيداً عن عالمه ، وقد تجدين فيها أحلاماً ورديةً ، وخمرةَ أوهامٍ مسكرة ، ولكنَّ ثمارها إحباطٌ وانفصامٌ في الشخصية ، وكآبةٌ قاتلةٌ ، بل ما هو أخطر من ذلك ؛ كقصص ( أجاثا كريستي ) التي تعلِّم الخداعَ والجريمةَ والنهبَ والسلبَ ، وقد طالعتُ سلسلة ( روائع القصص العالمي ) وهي مترجمات منتقاة من القصص الخلاَّبة، والحائزة على جائزة نوبل ، فألفيتُها مشوبةً بكثيرٍ من الأغلاط الكبرى والحماقات . ولا شك أن في بعض روائع القصص العالمي رواياتٍ جيدة ، من حيث رقيُّ الفنِّ القصصي والعمل الروائي ؛ كرواية ( الشيخ والبحر ) لآرنست همنغواي ، وأشباهها من القصص التي جانبت الفحش والرذيلة ، وسَلِمتْ من غوائلِ الانحطاط الأخلاقي والإسفاف الأدبي .

 

فحُقَّ على كلِّ راشدةٍ أن تطالع التراث القصصي الراشد : مثل كتب الطنطاوي والكيلاني والمنفلوطي والرافعي وأمثالهم ، ممن لديه طهرٌ ، وعنده ضميرٌ حيٌّ ، ويحمل رسالة واعيةً ، وإنما ذَكرْتُ هذا ؛ لأنني حَرِصتُ على نقاءٍ كتابي من لوثةِ الأجنبي ، وسمِّ المنحرفِ ، وغثاءِ التافهين ، فكم من ضحيّةٍ لمقالةٍ ، وكم من قتيلٍ لروايةٍ ، والله الحافظ .

 

وعلى كلِّ حال ، فلا أَجَلَّ ولا أحسنَ من قصص الله في كتابه ، ورسوله r في سنته ، والتاريخ المجيد للأبرار من الخلفاء والعلماء والصالحين، فسيري على بركةِ الله ، فأنتِ السعيدةُ بما عندكِ من دين وهدى، وبما لديكِ من عقيدةٍ وميراث .

 

د / عائض القرني 


 

Top